لا يمكن أن تمر دون اهتمام تلك التصريحات التي تضمنتها الخطب التي القاها الرئيس الامريكي أوباما خلال زيارته لتركيا والتي تحدث فيها عن العلاقة المستقبلية بين بلاده والاسلام. جاء في هذه التصريحات ان الولايات المتحدة ليست في حرب مع الاسلام مشيرا الي انه يسعي الي شراكة مع العالم الاسلامي.
هذا التوجه التصالحي في سياسة الرئيس الامريكي يأتي علي عكس سلفه بوش الذي أصبح يوصف أمريكيا بأنه أفشل رئيس في تاريخ الولايات المتحدة. ولا يمكن أن ننسي في هذا المجال الاستراتيجية التي اتبعها بوش خلال فترة توليه الرئاسة الامريكية والمستمدة من فكر معاونيه من جماعات اليمين المتطرف والقائمة علي ما يعرف بصراع الحضارات. تمحورت هذه النظرية علي أن الاسلام يمثل العدو الأول للحضارة الغربية المسيحية بعد تخلصها من الشيوعية.
ولا يمكن القول بأن هذا الاتجاه الذي ارتكزت عليه سياسة ادارة بوش كان وراء الجنوح السافر وغير المسبوق للوقوف الي جانب العدوانية الاسرائيلية والتنكر لكل الحقوق العربية وانما نستطيع ان نقول إن هذا التحيز كان العنصر الرئيسي الذي ارتكزت عليه هذه السياسة منذ اليوم الأول لدخول بوش البيت الابيض. ليس أدل علي هذه الحقيقة من اعلانه تخلي الولايات المتحدة عن ان تكون شريكا في صنع السلام بحكم علاقتها الوطيدة بإسرائيل وأن تترك تحقيق هذا الهدف للطرفين الاسرائيلي والفلسطيني وهو ما يعني اعطاء الحرية والحماية لاسرائيل للتصرف كيفما تريد.
من ناحية أخري فإن هذا الموقف المعادي للعرب والمسلمين كان دافعا لارتكاب حماقة هجوم ١١ سبتمبر سنة ١٠٠٢ والذي وجدته ادارة بوش المعادية للاسلام مبررا لاعلان الحرب علي الاسلام والمسلمين. لقد تناست هذه الادارة ان الذين قيل انهم كانوا وراء هذا العمل المدمر -الذي هز دولة القضب الواحد- هم من صنعها. لقد كان هذا التنظيم من متطلبات محاربة الاحتلال السوفيتي لافغانستان.. ولم تكن مغامرتا غزو افغانستان والعراق سوي تجسيد لاستراتيجية الحرب علي الاسلام والتي صحبتها تهديدات ومحاولات مستمرة للتدخل في الشئون الداخلية للدول العربية والاسلامية.
وقد جاء رد الفعل المصري علي تصريحات اوباما التي تستهدف اصلاح ما افسده بوش في علاقات امريكا بالعالم الاسلامي سريعا وايجابيا علي لسان احمد أبوالغيط وزير الخارجية الذي أعلن ترحيبه بها واصفا اياها بانها خطوة أولي نحو تخفيف الاحتقان الذي شهدته العلاقات بين العالم الاسلامي وامريكا. ونظرا للعلاقة الوطيدة بين الموقف الامريكي من الحقوق الفسطينية وتوتر العلاقات مع الشعوب العربية الاسلامية فقد احسن الرئيس الامريكي صنعا بالتأكيد علي ضرورة التوصل الي تسوية للصراع الفلسطيني الاسرائيلي علي أساس حل الدولتين وفقا لما جاء في اتفاق »أنا بوليس« وهو ما يعد ردا غير مباشر علي اتجاهات الحكومة الاسرائيلية الجديدة برئاسة نتنياهو التي اعلنت تنصلها من الالتزام بأي اتفاقات للسلام.
وفي متابعة للتطورات الأخيرة علي الساحة السياسية في كل من اسرائيل والولايات المتحدة فإنه تلوح في الافق بوادر عدم انسجام بين موقفي حكومة نتنياهو وادارة اوباما. لا جدال ان هذا الذي يحدث يدعو الي الترقب ومتابعة ما سوف تنتهي اليه عملية اختبار القوي والنوايا بين الطرفين والي اين ستنتهي ردود الفعل غير المباشرة المتبادلة حاليا بين الادارة الامريكية والمتطرف نتنياهو وحليفه الاكثر تطرفا وجهلا.. ليبرمان وزير الخارجية.